
تعد ظاهرة معاكسة البنات و المثليين أمام المؤسسات التربوية و الجامعات من أهم الظواهر الاجتماعية التي تزايد حدوثها في السنوات الأخيرة بين الشباب وهي تحدث في مرحلة سنية دقيقة وهامة من حياة و نشأت شخصيات المراهقين.
حيث تشتكي نسبة كبيرة من البنات و المثليين في مجتمعنا من هذه الظاهرة التي أصبحت عادة أدمن عليها الشباب المراهقون و حتى الكهول و كبار السن ،أمام كل متوسطة ، ثانوية و جامعة و لا تخلو الطرق و الشوارع المؤدية إليها من الذين يتصيدون الفرص للظفر بحبيبة أو حبيب عن طريق التحرش بهم لفظيا أو جسديا، و في الحقيقة تعتبر هذه الظاهرة من المشاكل المنتشرة كثيرا ليس في الجزائر فقط بل في كل البلدان و هي عموما لا تقتصر على البنات و الفتيان الذين يزاولون دراسة لكن هذه الفئة منهم تعاني بشكل أكبر.
فعلى سبيل المثال أنا أدرس بكلية لا تبعد عن الإقامة الجامعية مسافة 100 متر ،و عند دخولي و خروجي من الجامعة يوميا أشاهد عدد هائل من السيارات المركونة مقابل نوافذ الإقامة و أصوات الموسيقى التي تتصاعد منها أغاني تخدش الحياء و تصنع جوا من أجواء الكباريهات ، بالإضافة إلى العديد من الشباب الذين يدرسون بالجامعة و من خارجها في مجموعات تستعمل الحائط المقابل للإقامة مكانا لربط العلاقات و صنع اللقاءات و المواعيد مع المقيمين بها .
و لا يختلف المشهد كثيرا أمام المتوسطات و الثانويات ،شباب ينتظر قدوم التلاميذ و التلميذات ، يقومون مبكرا لحجز أماكنهم لاستقبالهم،و كل واحد منهم يحمل ورقة بيده مكتوب فيها رقم هاتفه مع عبارة غزل جميلة، يلبسون أخر صيحات الموضة من الثياب و الجديد من قصات الشعر ،و كأنك تحضر لعرض أزياء للرجال يبدأ و يتنهي بصوت دق الجرس ، في مشاهد يتبادل فيها الشباب مع الفتيات و الفتيان الكلام الجميل المعسول ،و العبارات التي تتغنى بجمالهم، و الأمثلة عديدة و مختلفة و بطرق و فنيات عجيبة، كلها تحصل في مثل هذه المواقف التي ينتهك فيها جوار المؤسسات التربوية التي جعلت لنشر العلم و الأخلاق.
و يعود سبب انتشار هذه الظاهرة الخطيرة في مجتمعنا لعدة أسباب أهمها :
-
البطالة التي يعيشها شبابنا اليوم و التسرب المدرسي فمعظم الشباب بدون عمل ،و يطردون من الدراسة مبكرا فلا يجدون وسيلة لملأ هذا الفراغ سوا مغازلة الفتيات و الجلوس لساعات طويلة في انتظارهن للقضاء على الملل و روتين الحياة .
-
نقص الوازع الأخلاقي الذي يحصن النفس و يضبطها و يجعل سلوكها إيجابيا لدى شبابنا.
-
انتشار الانترنت و تكنولوجيا الإعلام والاتصال و ما تقدمه من إمكانيات تستغل بطريقة سلبية ،بالإضافة لما تعرضه بعض و سائل الإعلام التي تدعو لنزع الحياء و نشر الرذيلة .
-
تأخر سن الزواج و المشاكل التي يواجهونها للوصول إليه من أزمة بطالة و سكن و غلاء المهور ما يدفع بهم إلى معاكسة البنات و الفتيان للحصول على السهل المجاني .
-
إنعدام المراقبة من الأهل و القيام بمهمة التربية الصحيحة و تخلي المجتمع عن واجبه في محاربة الظاهرة و الحد منها .
كما نذكر أيضا ملابس المتحرش بهم فالبنات يتبرجن و يلبسن الثياب الأنيقة و يضعن الروائح العطرة و كذلك الحال بالنسبة للفتيان لباس من أخر الموضات و يضعون احدث الاكسسوارات من نظارات و قلادات ….. لكن تبقى كلها في الأخير حرية شخصية لا يمكن محاسبة المتحرش بهم عليها أو منعهم منها .
هذه من بعض الأسباب العديدة لتفشي ظاهرة معاكسة البنات و الفتيان أمام المؤسسات التعليمية التي يجب تكاتف الجهود للحد منها من خلال توعية الشباب و تحسيسهم بأن هذا العمل غير أخلاقي و منافي للعادات و التقاليد،كما يجب أن توفر لهم مناصب شغل تملأ فراغهم و حياتهم لكسب الرزق و العمل على الزواج الذي يحفظ أنفسهم و يصونها ،و كذلك تعويد المراهقين على استعمال الانترنت و الهاتف فيما ينفعهم و ينفع مجتمعهم و الابتعاد على القنوات و المواقع التي تثير الشهوات ،و الأهم دور العائلة في مراقبة سلوك أبنائها و نصحهم و تربيتهم التربية السليمة ،دون أن ننسى دور المجتمع الذي يجب عليه أن لا يكون غافلا عن هذه الأفعال و لا يسكت عليها حتى لا يصبح الأمر موضة .
فالشاب الذي يريد أن يثبت وجوده و يلفت الانتباه إليه عن طريق مثل هذا السلوك يعاني من ضعف و خلل في شخصيته ،لأنه لو كان يملك ضمير أخلاقي فإنه لن يسمح لنفسه بمعاكسة أبناء الناس و التعرض لهم ،و هو يعلم جيدا أنه يتعدى على الأعراض ، فاعلم أخي الشاب ما لا تقبله على نفسك في أمك و أخيك وأختك و بنتك و زوجتك لا يرضاه الناس أيضا على أنفسهم.
زياري سماعيل
أضف تعليقاً