أصبحت ظاهرة اختطاف الأطفال في المدة الأخيرة تثير المخاوف لدى العائلات الجزائرية حيث أن المصالح الأمنية تسجل كل يوم تقريبا حالة اختطاف جديدة ،و المرعب في الأمر أن أغلب الحالات تنتهي بقتل الضحايا أو اختفائهم نهائيا.
هذه الظاهرة الغريبة على المجتمع الجزائري صارت مهنة لعصابات إجرامية تستغل الأطفال والبنات في ممارسة الرذيلة و المتاجرة بالمخدرات و التجارة بالأعضاء،و حتى لطلب الفدية و الشعوذة،فأصبحت الطفولة البريئة فئة مستهدفة و سلعة في الآونة الأخيرة من طرف هاته العصابات العديمة الرحمة و الضمير.
أنيس برجم ،من بين الحالات التي تابعتها وتأثرت لها كثيرا لأني كنت اعتبره أخا لي، فلم يمر خبر اختطافه دون أن يثير موجة من الاستنكار و الحزن الذي جمع كل الجزائريين،هذا الطفل البالغ من العمر 5 سنوات،و الذي كان يستعد للالتحاق بالدراسة في القسم التحضيري.
و بتاريخ 15 سبتمبر 2015 ،كان في زيارة مع أمه لبيت أخواله و بينما كان يلعب أمام البيت،و يعيش طفولته البريئة ،اختطفته أيادي الشر،إختفى أنيس تاركا وراءه عائلته و سكان “ميلة” المدينة التي يسكن فيها في حالة خوف شديد و هستيريا،يبحثون عنه في كل مكان في الشعاب و الوديان ،بمساعدة المصالح الأمنية،على أمل العثور عليها حيا،و مازال عالقا بأذهانهم صور الطفلين “هارون” و “رشيد” اللذان اختطفا في “قسنطينة“ و عثرا عليهما مقتولين.
و لاقى خبر اختطافه على شبكات التواصل الاجتماعي موجة كبيرة من التضامن،فأنشأت الصفحات التي تنشر صوره و تضع أرقام أهله،في محاولة يائسة للحصول على أي معلومة قد تساعد في العثور عليه،و قد تجاوب كل الجزائريين بطريقة حضارية و جميلة مع هذه الصفحات بالتعليق عليها بالدعوات لوجوده بخير وعافية و نشر صور معبرة لأطفال يحملون لافتات كتب عليها ” كلنا أنيس”
كما قام سكان مدينته “ميلة“ بوقفة ومسيرة تضامنية للتعبير عن حزنهم و تأثرهم بحادثة اختطافه و التنديد بهذا الفعل ،في محاولة منهم دفع السلطات لبذل مجهودات أكثر في محاولة العثور عليه .
بعد 22 يوما من اختفاء أنيس نزل علي خبر العثور على جثته البريئة مرمية في واد لمياه الصرف الصحي كالصاعقة،في البداية لم تتعرف عائلة الضحية عليه كون الجثة كانت في مرحلة متقدمة من الانحلال و بعد التحقيق تبين انها تعود لأنيس ،و بذلك تبخرت كل الآمال و دخلت عائلته في حالة غيبوبة من الحزن و الآسى،عزاء يجمعهم فيه كل سكان “ميلة” و الجزائر كافة .
و عادت الأصوات تتعالى من جديد و خاصة فئة الشباب و الجمعيات و الأئمة في المقاهى و الشوارع و المساجد،على شبكات التواصل الاجتماعي تطالب بحكم الإعدام في حق مثل هؤلاء المجرمين الذين يقتلون و يذبحون فلذات الأكباد دون أي ذنب ،من جهة أخرى ترى المنظمات الحقوقية أن حكم المؤبد يكفي بحق هؤلاء.
فمن الناحية القانونية توجد أحكام ردعية لمرتكبي الاختطاف كونه نوع من أنواع القتل،لكن تطبيقها على ارض الواقع لم يمنع هذه الأعمال الإجرامية و لم يحد منها .
دون أن ننسى أن توتر العلاقات في الأسرة أدى إلى اضطرابات وتعصب في المجتمع الجزائري ،ما نتج عنه تولد بداخل البعض أحاسيس بالكره والانتقام راح ضحيتها الأطفال.
من جانب أخر تقوم المصالح الأمنية بالجزائر دوريا بحملات وقائية وتحسيسية للقضاء على هذه الجريمة، وذلك بالتنسيق مع جميع الفاعلين في المجتمع المدني، من جمعيات ذات طابع وقائي، أولياء التلاميذ وأئمة المساجد والتي من شأنها رفع مستوى الإدراك الأمني لدى المواطن الجزائري بخصوص هذه الظاهرة الخطيرة، وتحسيس الأولياء و تنبيههم بضرورة متابعة أبنائهم ومراقبتهم.
إن لله و إن إليه راجعون إلى جنات الخلد أنيس
أضف تعليقاً